غدا أيقظيني ساعة الفجر

يا أمي الصابرة

علي أن أغدو عبر تلال الطريق

لألقى ضيفا عزيزا

في الأجمة الكثيفة اليوم

أبصرت آثار عجلات عريضة على المرج

وتحت الغيوم المتشتتة

كانت الريح تهز قوسها الذهبي

غدا يسرع مندفعا مع الفجر

مميلا القمر قبعة تحت الشجيرات

وعلى السهل المنبسط

لعوبا يتارجح ذيل مهرته الأحمر.

لماذا هو القمر يضيء باهتاً
فوق حدائق وجدران مدينة خرسان؟
كما لو أنني أمشي بالضبط في سهل روسي
تحت الستار المخشخش للضباب –
هذا ما سألت عنه، يا عزيزتي لالا،
أشجارَ السروالصامتة ليلاً،
لكن أرتالها لم تجب ولا بكلمة،
وقد شمخت برؤوسها نحو السماء باعتزاز.

لستُ نادماً،
لا أستجدي ولا أنتحب،
فكل شيء سيمضي،
كما العجاج
عن كروم التفاح الأبيض.
وقد نال مني ذهب الذبول،
فلن أكون شاباً بعد الآن.

ها نحن نرحل شيئاً فشيئا
إلى دار السكينة والنعيم.
ربما آن لي أنا أيضاً
أن أستعدّ قريباً للرحيل.

يا مروج الحور الغالية!

أذكرُ، يا حبيبتي، أذكرُ

بَريقَ شَعرِك…

ليس مفرحاً ولا هيِّناً علَيّ

أنني اضطررتُ لهجرك.

الحياة خدعةٌ ذاتُ حنينٍ فتّان

سرُّ قوّتها أنها

بيدها الخشنة

تخطّ حروف القدَر.

دائماً، حين أُغمِض عينَيّ،

أقول: “ما إن تلمس القلب،

الحياةُ خدعة ولكنّها أحياناً

تزيِّن الكذِب بالأفراح.

أما زلتِ على قيد الحياة يا عجوزتي؟

وأنا ما زلت حيًا.. سلام إليكِ، سلام!

ليتدفق فوق بيتكِ الريفي

ذلك النور المسائي المحال وصفه

يكتبون إلىّ، أنك تُخفين قلقك،

وأنكِ شديدة الحزن عليّ،

وأنكِ غالبًا ما تسيرين في الطريق

في معطفك البالي ذي الزي القديم.