حلّت ساعةُ الإلهامِ، فلماذا تهجُرينني،
تجرحينني من خفقِ أجنحةٍ بطيرانكِ؟
وحدي: في ماذا أستغلّ فمي للكلامِ؟
وكيفَ أصرفُ أيامي؟ ولياليَّ؟
فلا أحدَ أحبّهُ.

خلفَ الشجرِ البريءِ
مصيرٌ قديمٌ يُشكِّلُ بطيئاً
وجهَهُ المتحفّظَ.
ترحلُ التجاعيدُ هناكَ…
هنا طائرٌ يصرخُ، وهناكَ
أُخدودٌ من الألمِ
ينبَثُّ من الفمِ المتشدّقِ بالحقيقةِ.

أنا كالرايةِ في منتصفِ فضاءٍ مفتوحٍ

أحسّ بالريحِ أمامي تجيءُ، أُسايرُها

بينما لا تتحركُ أشياءُ العالمِ:

فالأبوابُ ساكنةٌ، والمداخنُ يفعمُها الصمتُ،

النوافذُ لا تُخَشخشُ، والترابُ هامدٌ

أعرفُ شيئاً عن العاصفةِ، فأهتاجُ كالبحرِ

أتواثبُ ثم إلى القُهقرَى،

أُلقي بنفسِي خارجاً، فأنا وحدي تماماً

إزاءَ العاصفةِ العُظمى.

اهدا أيها الصديق الذي عانى طويلا.

أشعر بأنفاسك،

كيف تجعل المكان حولك أكثر اتساعا.

دع هذا الظلام يكن برج ناقوس.

أغمضي عينيّ: سأراك مجددا
سُدّي أذنيّ: سأسمعك أكثر
بلا أقدام سأمشي نحوك
من دون فم، سأتضرع إليك أكثر
اقطعي ذراعي: سآخذك
بقلبي كما بيدي
انتزعي قلبي بينما عقلي يخفق
وإذا أضرمت النار في عقلي
فسأحملك في دمي.

لا يجبُ أن تفهمَ الحياةَ
عندئذٍ يبدو كلُّ يومٍ سهرةً
دعْ كلّ يومٍ بسيطاً، كوليدٍ وهو يمرّ
يتلقّى أزهاراً من الرياحِ
لا تجمعها الحياةُ أو توفّرها،
قد لا يتَسنّى لها
وقد تتوهُ عن شَعرها
حيثُ رتّبَت أمرَها في سعادةٍ
وخلالَ أعوامِ شبابِها الفرحانِ
تمدّ أيديها لتحضنَ كلّ جديدٍ.

هكذا هو الحنين:
أن تقيمَ في الغيم
وألا تكون منفيا في الوقت.
وهكذا هي الرغبات:
محاورات بصوت خفيض
لساعات دائبة مع الأبدية.

من بابٍ لبابٍ أمضي دائماً،
في المطرِ سواءٌ أو في الحرِّ،
وقد أُرقِدُ أُذني اليمنى أحياناً
براحةِ يدي اليمنى.
يبدو صوتي غريباً وأنا أتكلّمُ
كأنهُ أجنبيٌّ عنيّ،
وأرتابُ من أيّ صوتٍ يبكي:
أهو صوتي أم لغيري؟
أبكي على أجرٍ زهيدٍ يقيني حاجتي.

كيف لي أن أبقي روحي بداخلي

كي لا تلمس روحك؟

كيف لي أن أرفعها عالياً بما يكفي

أتجاوزك، إلى أمور أخرى؟

أود لو أأويها بعيداً

بين أشياء ضائعة

في مكان مظلم وصامت

حتى لا يتردد صداها عندما تدوي أعماقك.

إلهي: لقد حان الوقت. كان صيفاً عظيماً.
القِ بظلك على الساعات الشمسية
ثم اطلق الرياح في الحقول.
مُر آخر الثمار لتكتمل؛
امنحها يومين آخرين من أيام الجنوب ،
حثها على النضج ، ثم ادفع
آخر حلاوة بها إلى النبيذ المعتق.