مِنْ بعدِكَ

يا سنواتٌ سبعٌ

يا لحظةَ العزيمةِ المباغتةِ

مِنْ بعدِكَ كلُّ شيءٍ مضى

مضى في زحمةِ الجنونِ والجهلِ

مِنْ بعدِكَ.. النافذةُ التي كانتْ مرسالاً نابضًا ومضيئًا

ما بيننا وبينَ الطائرِ

ما بيننا وبينَ النسائمِ

تهشّمتْ

تهشّمتْ

تهشّمتْ

مِنْ بعدِكَ.. تلكَ الدميةُ المتربةُ

التي لْم تعرفْ أنْ تقولَ شيئًا..

سوى الماءِ الماءِ الماءِ

غرقتْ في الماءِ

مِنْ بعدِكَ نحنُ قتلْنا صوتَ الأزيزِ

تعلّقْنا بصوتِ الجرسِ الذي يصدحُ فوقَ الأحرفِ

الأبجديّةِ

وبصوتِ معاملِ الأسلحةِ

مِنْ بعدِكَ..

غيّرْنا مكانَ لعبِنا الذي كانَ تحتَ الطاولةِ

إلى الجلوسِ وراءَها

ولعبْنا فوقَ الطاولاتِ

وخسرْنا.. خسرْنا لونَكِ يا سنواتٌ سبعٌ

مِنْ بعدِكَ نحنُ خنّا بعضَنا

مِنْ بعدِكَ مسحْنا كلَّ نقوشِ التذكارِ

بالرصاصِ وقطراتٍ مِنَ الدمِ المتناثرِ..

على جبينِ جدرانِ أزقّتِنا

مِنْ بعدِكَ ذهبْنا إلى الميادينِ

ونادْينا..

يعيشُ

يموتُ

وفي زحامِ الميادينِ صفّقنا للفرقِ الغنائيّةِ

التي كانت تأتي خفيةً للمدينةِ

مِنْ بعدِكَ أصبحْنا قاتلي بعضِنا

مِنْ أجلِ الحبِّ تقاضيْنا

ومثلما كانتْ قلوبُنا في جيوبِنا خائفةً

باسمِ الحبِّ نطقْنا

مِنْ بعدِكَ التجأنا إلى المقابرِ

الموتُ كانَ يتنفّسُ تحتَ عباءةِ جدّتي

والموتُ كانَ تلكَ الشجرةَ القويّةَ

التي تعلّقَ بأغصانِها البائسةِ أحياءُ هذا البدءِ

وأمواتُ تلكَ النهايةِ كانوا ينازعونَ جذورَها

الفسفوريّة

والموتُ كانَ يتربّعُ على ذلكَ الضريحِ المقدّسِ

وعلى أربعِ جهاتٍ مِنْ عرشِهِ..

فجأةً انبثقتْ أربعُ زهراتٍ فيروزيّةٍ

يأتي صوتُ الرياحِ

يأتي صوتُ الرياحِ يا سنواتٌ سبعٌ

قمتُ وشربتُ الماءَ

وتذكّرتُ..

كيفَ اقتحمتُ أراضيَكِ الخصبةَ مِنْ هجمةِ الجرادِ

كيفَ علينا أنْ ندفعَ؟

كمْ علينا؟

مِنْ أجلِ نموِّ هذا المكعّبِ الإسمنتيِّ

نحنُ قدْ خسرْنا كلَّ ما علينا أنْ نخسرَهُ

نحنُ -دونَ ضياءٍ- مشيْنا في الطريقِ

والقمرُ هذِهِ الكتلةُ الحنونُ

كانَ دائمًا هناكَ

في ذكرياتِ طفولةٍ فوقَ سطحٍ طينيِّ

وفوقَ أراضي الشبابِ الخصبةِ

التي تخافُ هجمةَ الجرادِ..

كمْ علينا أنْ ندفعَ؟

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء