طبيعة ميتة

في الأيام التي تَنْسى فيها

رقمَ هاتفي

أو عندما تَتَأَخَّرُ عن موعد العشاء ،

أرتِّبُ باقةً من السكاكين

في أصيصٍ طينيٍّ على نافذة

تطلُّ على الفناءِ الداخلي ،

أضعُُ حاملَ اللوحاتِ وسطَ الغرفة

وأسكب على لوح الصباغة

كلَّ الألوانِ الزَّيْتِيَة الَّتي تُشْبِه الخَريف.

 

من خلال غُيوم زيت التّْربنتينْ

تتسلَّلُ إلى أنفي

روائحُ غريبة :

فمُنْحنى السكين المشذب

تفوح منه رائحة سمك السَّلَمون الْمُرَقَّط

والسَّاقُ الفولاذية  الطويلةُ لسكين الخبز

تضوع روائحَ حقول الذُّرة؛

وعلى السِّكينَتيْن الصَّغيرَتين

اللَّتينِ نَطلي بهما الزُّبدة على شرائح الخبز،

أدْهنُ اللَّونَّ البُنِّيَّ الصَّدِئ

لِوَجَباتِ إفطارنا غير المشتركة.

 

فَوْقَ هذه الباقة كلها

يَنْتَصِبُ السِّكين ذو الحدَّين

الذي أعِدُّ بهِ لكَ

سَلَطَةَ المَلْفوفِ والجَزَر ،

أوْ أشُقُّ به الضباب الكثيف

للذكريات التي

لمْ يَعُدْ بوسعي الدخول إليها.

 

وعندما تعود أخيرًا،

تكون السَّلطة قد صارت حامضة.

أرميها في القمامة ،

أفتح النافذة على مصراعيها

فتمتلئ الغرفة برائحة

أوراق شجر بليلة.

وبينما شفاهكَ

تَعبر جراحاتي العمودية ،

التي تصل مِعْصَمي بالكوع ،

أريكَ الشُّجيْرات المُشَذَّبة

في الفناء الداخلي

وآخر الورود الصفراء

في أصيص النافذة ،

وأنا أخفي بظهري

باقة السكاكين

على اللوحة غير المكتملة.

 

ينْزلق الليل بين بطْنَينا المُتَلاصِقَين

و أثناء نومكَ تثير أصابعهُ المعْضوضَةُ

أنينَ امرأة أخرى.

إِنَّهُ الخريف الثالث

الذي تَسْقُط فيه ثمار شجرة التِّين

التي زرعناها معًا ،

التي  أحببناها معًا ،

منذ ثلاث سنوات

و البذور تلتصق بأجسادنا العارية ،

فما جدوى

أن أقول لك أو لا أقول :

" إن من يحب لا يجرح أبدا ".

 

سيطفئُ أحدنا شمعةَ الحب

ولن يكون جسدي ملكا لكَ بعد الآن.

 

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء