ضحكةُ أبي

ليس تمامًا كالسكران

يغادرُ أبي المنزلَ في منتصف الليلِ

اليراعاتُ تحيطُ به

مثل أسلاكِ محمَرةٍ حاميةٍ

تدورُ حوله وتتألّقُ.

 

ضجَةُ نُباحِ الكلابِ تَصّاعَدُ من جوارِنا لتبلغَ أقاصي قريتِنا

وتتوقّفُ عند مرسىّ ذي قاربٍ واحدٍ

يرْكُبه أبي، بعشرين عامًا في يديه.. هو لا ينظرُ خلفَه.

أمّي تغطِّي قدمَيها بالرملِ؛

ودموعُها تسيلُ في حوض النهر.

مضت سنواتٌ، ثم عاد أبي،

لم يَعُدْ شَعرُ رأسِه أسودَ

الآن يستفيقُ ليلاً، ويدخِّنُ،

كان غليونهُ يَهِسُّ،

كأنه يحاولُ أن يثقبَ أساهُ

 

أطفالُ أبي ليسوا منتهى مَطافِهِ؛

هم ليسوا سوى أربعِ صُوى في امتدادِ حزنِه.

ها هو ذا يحملُ سنواتِهِ السبعين

إلى المرسى القديم، ويخطو إلى الزورق

هل يتمايلُ الزورقُ لأن قدَمَيهِ ليستا ثابتتَينِ

أمْ لأنه يرتعدُ خوفًا؟

 

ضجّةُ الكلابِ النابحةِ تأتي من أقصى القريةِ إلى بّوابتِنا

بينما شَعرُ أبي الأبيضُ

ينظُرُ إلى أعلى ويضحكُ.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء