شكل الغياب

عشيَّاتِ الصّيف، ساعة إغلاق الحدائق العامة،
عندما تعود البنيَّات إلى البيت برفقة المرَبِّيَة،
وأخواتهنّ الأصغر قد نِمْنَ في عرباتهنّ،
تسير وراءهنّ، في صفٍّ صامت، لامرئيّ، البُنيَّاتُ
الصّغيرات الميتات، شاحباتٍ، معفَّرات الوجه،
يحملن بين أيديهن المضمومة باقاتهنّ الذّاوية
مثل قصائد قصيرة لم يُسْعِفْهنّ الوقت كي يحْفظنها
عن ظهر قلب.
يمكثن بعيداتٍ، ينظرن إلى الزّخارف والألعاب
المعلَّقة في الأكشاك، والواجهة البسيطة المضاءة
في دكّان البزّاز المجاور،
يتركن مع كلِّ خطوة حيِّزاً حميماً سرعان ما يغطّيه
ظلٌّ بنفسجيّ وورديّ.
يصِلْن إلى عتبة بيتهنّ، ويتفحَّصْن مليّاً نافذة
حجرةِ طفولتهن، يرفعن يداً، للحظةٍ، لكنّهنّ لا يطرُقْن.
وفي الداخل يسمع الوالدان صدى الطّرقة، يتركان
منديلهما يسقط على المائدة،
مثل ورقة كبيرة ميتة تسقط على الزّمن.
يفتحان الباب
لا أحد.
ولا يرَيان
سوى النّجوم الذّابلة والسماء الفارغة والكون الخاوي،
فيغلقان الباب من جديد وكأنّهما يعودان إلى أطفالهما.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء