محادثة مع الحجرة

 

أطرقُ بابَ الْحجرة

" هذهِ أنا، دعيني أدخُل

جِئتُ لرؤيتك،

لمعايدتك،

لأشتمَّ رائحة أنفاسك."

" ارحلْي من هنا! قالت الحجرة.

أنا مُقفلة.

حتى وإن تحطّمتُ إلى قطع

فلا سبيل للنفاذ إلينا

بل حتى إذا  صرتُ مجرّد كثبان رمل

فلن نسمح لأحد بالدخول.

أطرقُ بابَ الْحجرة

- هذه أنا، دعيني أدخل.

لقد جئت بدافع الْفضول المحض

فالْحياة هي الفرصة الْوحيدة.

أودّ فقط أن أتجوّلَ داخل قصرك،

قبلَ أن أذهب لزيارة الْورقة وقطرةِ الْماء.

ليسَ لديّ متّسعٌ مِن الْوقت

إذْ لا أملك سوى حياة واحدة.

- أنا مصنوعةٌ من الحجر، تقول الحجرة.

عليّ أنْ أظلّ جادّة. هيّا ارحلي من هنا!

يمكنك أن تتبيّني أنْي لا أملكُ عضلات الضّحك.

أطرُقُ بابَ الْحجرة

- هذه أنا، دعيني أدخل.

يُقالُ إنّك تمتلكين ببيتكِ قاعات فارغة فسيحة

مهيبة ليس فيها وقع خطى

وما مِن أحدٍ رآها قطّ.

اعترفي أنكّ أنتِ نفسك لا تعرفينها.

- أجلْ، لديّ قاعات كبيرة فارغة،

لكن، لا يوجد مكان شاغر، تقول الحجرة،

لعلّها جميلة

لكن ليس بالجمال الذي تُدركه حواسّك،

يمكن أن يكون لك علمٌ بي لكن لا معرفة لديك عنّي مطلقاً.

أنت ترينني في ظاهري وليس في جوهري.

أطرقُ باب الْحجرة

- هذه أنا، دعيني أدخل.

أعدُكِ أن لن أظلّ عندكِ للأبد،

ولا لطلب اللجوء

لستُ مسكينة ولديّ بيتٌ

ثمّ إنّ الْعالم يستحقُّ عناء الْعودة إليه.

سأدخلُ عندكِ وسأخرج بأيدي فارغة

دون أن ألمس شيئاً.

كدليل على زيارتي

سأدوّن فقط بعض الْكلمات

مع أنّه لن يصدّقني أحد.

- لن تدخلي، تقول الحجرة.

فأنت لا تملكين حسّ المشاركة.

وما مِن حسّ آخر يمكن أن يعوّضه.

ولا حتّى القدرة على رؤية العالم الماورائي،

لن تدخلي.

أنت لا تعرفين الْمشاركة

ليس لديك سوى صورة بعيدة عنه.

 

أطرُقُ بابَ الْحجرة،

- هذه أنا، دعيني أدخل.

لا يمكنني انتظار ألفين من القرون

لأعود إليكِ.

 

- إذا كنت لا تصدّقينني،

تقول الْحجرة

فاسألي الورقة، ستقول لك نفس الشّيء

وستقول لك قطرة الْماء ذات قول الورقة،

بإمكانك أن تسألي أيضاً شعرة من شعر رأسك، لو تريدين.

ها أنّك أضحكتني ملء شدقيّ

كما لو كنت تعلّمت الضّحك.

 

أطرُقُ باب الْحجرة،

- هذه أنا، دعيني أدخل.

 

- ليس لي باب،

تقول الحجرة.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء