زوارق على نهر داي

أمَاه، لِمَ لا تنادين الزوارقَ كي تعود،

الزوارقَ العتيقةَ التي تختصُّ نحو البحر؟

لقد أمطرَتْ طويلاً، وابتلَّ النهرُ كلُّه.

 

أنا جالسٌ عند النافذِة، أسعلُ من الحُمّى

وأتساءلُ أين ترقُد الزوارقُ العليلةُ.

أمَاه، أرجوكِ أن تمنحي النهرَ قميصي

كي تدفأَ الزوارقُ.

أنا أستطيعُ العيشَ بلا قميصٍ، لأنكِ معي.

لكن الزوارقَ تنام على الماءِ بلا أحدٍ.

 

الزوارقُ التي وُلِدَتْ في أعماقِ الغابةِ

تعودُ إلى البحرِ في هيئةِ أوراقٍ.

شراعٌ بُنّيِّ يُلَوِّحُ لي مثل يدٍ صغيرةٍ،

يُلَوِّحُ لي عائدًا إلى ذلك الموضعِ

حيثُ النهرُ يتفجّرُ بالدمعِ، إذ يُحَيّي البحرَ

 

الزوارقُ العتيقةُ لا تعود؛

البحرُ المتوحِّدُ يخدعُها.

ولأني كنتُ تعيسًا، فأنا أفهمُ

وهكذا تركتُ الزوارقَ تمضي إلى أبعدَ من النهر.

غسَقًا، أجلسُ إلى النافذةِ، وأسعلُ من الحُمّى.

خيوط المطر تلوحُ في الأفقِ البعيدِ

وأنا أنتظرُ الزوارقَ، بإحساسٍ أقدمَ من الرمل.

سأظلُّ، طيلةً حياتي، أنزَعُ قمصاني

في صمتٍ، وأُطْلِقُها في النهر.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء