زارعات البطاطس

كانت والدتي تحفظ البطاطس تحت حوض المطبخ

في مكان رطب لم أتجرأ أبدا أن أدخله.

في وقت الزرع في الخريف،

كانت ترسلني دائمًا لتلك الخزانة  ذات الرائحة المتعفنة

حيث بدت البطاطس طرية، شبه ذابلة،

نمت عليها براعم بيضاء في الظلام.

كنت أمزق الكيس المشبك بعنف،

وأتقزز من الأوساخ الكثيفة على يدي وأنا أجمع البطاطس

في وعاء أجلبه لها في الحديقة الخلفية.

هناك كنت أجد ظل أمي يتحرك بسرعة

وهي تخدش التراب بيديها القويتين

وتصنع صفوفا وصفوفا من الجداول في الأرض.

حاولت يداي الصغيرتان أن تقلدا يدَيْ أمي

وهكذا دفنا البطاطس واحدة تلو الأخرى.

حينها كانت أمي تعترف لي بعلاقتها الغرامية.

"لم لا يترك تلك الزوجة التي لا يريدها"، تقول ضاحكة

مع غروب الشمس فوق الفناء الخلفي

كنا نتوقف، وكانت تلتفت لي وتسأل،

"ألا تعتقدين أنني ينبغي أن أترك أباك؟"

فكرت في سؤال أمي مرارا، دون أدنى فكرة

وبعدها بسنوات بات من المستحيل أن أنام

ثم بدا لي أن نباتاتنا سوف تنبت أرجلا طويلة

وستأتي منها أفواج مترنحة لتغزو أحلامي في الليل.

كان بيانو أبي يزمجر كالرعد في غرفة المعيشة

عندما همست لأمي: "نعم عليك أن تتركيه".

تلك الليلة، غطينا الأرض بطبقات من القش

وفي الظلام شغلّنا جميع مرشّات الماء.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء