رسالة إلى أمي

أما زلتِ على قيد الحياة يا عجوزتي؟

وأنا ما زلت حيًا.. سلام إليكِ، سلام!

ليتدفق فوق بيتكِ الريفي

ذلك النور المسائي المحال وصفه

يكتبون إلىّ، أنك تُخفين قلقك،

وأنكِ شديدة الحزن عليّ،

وأنكِ غالبًا ما تسيرين في الطريق

في معطفك البالي ذي الزي القديم.

غالبًا ما يتراءى لكِ شيء واحد

في عتمة المساء الزرقاء-

تتصورين امرأً غمد مدية

في قلبي إبان شجار في الحانة.

لا شيء من هذا، يا عزيزتي! اطمئني.

إنه مجرد هذيان مضنٍ.

فما أنا بالسكير المدمن لدرجة أن

أموت ولا أراكِ.

فما زلت كالسابق، ذلك الحنون

وأحلم بشيء واحد فحسب،

الفرار من الكآبة العاصفة

والعودة إلى بيتنا الصغير.

سأعود، عندما تنشر حديقتنا البيضاء

الأغصان على النمط الربيعي.

لا توقظيني فحسب، عند الفجر

كما كنتِ تفعلين قبل ثماني سنوات.

لا توقظي الأحلام المتلاشية

لا تثيري تلك الأماني الخائبة،

قُدِّر عليِّ أن أعاني في الحياة

من الضياع والنَّصبِ المبكرين للغاية.

لا تعلميني الصلاة. لا حاجة لذلك!

فلا رجوع إلى الماضي.

أنتِ وحدكِ العونُ والحبورُ،

أنتِ وحدكِ النورُ المحال وصفه.

إذن دعي قلقك،

ولا تُفْرِطي في الحزن عليَّ.

لا تسيري غالبًا في الطريق

في معطفك البالي ذي الزي القديم.

كل ما هو حي له صفة متفردة

موسومة منذ حقبة مبكرة.

لو لم أكن شاعرًا،

فلربما كنت نصابًا أو سارقًا.

نحيفٌ، قصير القامة،

بطلُ دائمًا بين الصغار،

طالما، طالما عدت إلى الدار

مكسور الأنف.

عند لقاء ماما الفزعة أقول

وأنا أرشح من الفم المدمى:

«لا شيء! لقد عثرت بحجر،

كل هذا سيندمل غدًا».

الآن، بعدما بردت

الحروف الملتهبة لتلك الأيام،

انسكبت على قصائدي

كقوة مضطربة مقتحمة.

أكوام كلمات ذهبية،

على سطورها ارتسمت بلا حدود

البسالة الماضية

لذلك العربيد الشقي.

ما زلتُ، كما في الماضي، باسلاً وشامخًا،

خُطاي تمضي في أرضٍ بِكْرٍ فحسب..

وإذا لطمت سابقًا على وجهي.

فالآن روحي كلها مضرجة بالدماء.

لا أقول الآن لماما،

بل للأوباش المقهقهين الغرباء:

«لا شيء! لقد عثرت بحجر،

كل هذا سيندمل غدًا!» .

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء