رثاء الشجرة

أي نافذة وأي صباح سيفسّر حلم البحر المعتم الطويل

و المحمّل بالكآبة

سمعت شفاه الأوراق

هذا اللسان الأخضر

في غمرة منتصف حلم الليل

كان يغسل أغنيته المقدسة في جدول الماء

في ضياعك والتيه، آه أيتها الشجرة الممتلئة بالحياة

يا بشارة الوجود في وجداننا

 

ونحن لم ندخر بعد وقتا للبكاء

أبصرت بزوغ أول القجر، يرافقه دم طازج

في نعاس أوراقك الحبلى

سمعت أول زقزقة لطيور الصباح

يقظة السطوع في جدول الماء

في تفتّح أزاهيرك

كانت الريح تبصر أوراقك والأغصان المقدسة

في تلك السنة وفي السنوات العجاف

تتساقط تحت ظل حبسك

والحائط الكبير: حائط عزلتك الأبدي

أو جدار ترددي القديم

لم يفسح الطريق لأغصانك أن تشرق مرة أخرى في ضحكة الفجر

أو يفسح الطريق للحمائم الحزينة

تلك التي حاصرها الحزن قبل شهر لموت الأزاهير

وذرفت دموعا كالمطر، وناحت لمرثاتك الصامتة

حتى لو لم يكن ثمة جسد خارج هذا القفص

ولم يكن ثمة امرىء يشهر كلمته عبر هذا الشاطىء البعيد

حيث حباه الفجر المعطاء موجة الضوء الثرثارة

فوق أشجار النخيل العطشى في الصحارى، واليمن وحدائق عدن

لكنني أشعر بالخجل كلما أبصرت في الظلام مرآة ضبابية

في صمتك، آه أيتها الشجرة اليانعة

يا بشارة الحياة في وجداننا

كي تتتفح أزاهيرك وترتقي للعلا

كي تكوني خصبة من تلقاء نفسك

وتضرب جذورك في تراب أرضنا

لكننا لم ندخر وقتا لرثائك من جديد.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء