خبزٌ بيتيٌّ

في مخزن الحبوبِ

لا تتحدّثُ النسوةُ اللائى يعْجِنَّ الخبز

عمّا سيَحدُثُ قادمَ الأيّامِ.

العجينُ يتخمّرُ تحت أقمشة قُطْنٍ وأسمالٍ،

بينما يشتعلُ الحطبُ مُتّقِداً في الفرنِ.

 

لا أتذكّرُ الآنَ حديثَ النسوةِ اللائى يعجِنَّ الخبز.

من النافذةِ تسلّقت الدجاجاتُ بعد عِراكِ الدِيَكةِ،

وأحالت ريحُ صَرصَرٌ السماءَ، أشدَّ زرقةً.

إنها نهاياتُ الشتاءِ،

 

والفصحُ على الأبوابِ

والفرنُ جاهزٌ.

النسوةُ اللائى أعددْنَ الفرنَ الطينيَّ مُتْنَ، جميعهنّ، تقريبا،

واحدةٌ، أو أخرى، ما زالت تُطِلُّ على عالَمٍ لم يَعُدْ لها.

لا أحدَ يُشعلُ فرنَ الطينِ.

الخبزُ يُشترى صباحاً من السوبر ماركت

والدجاجُ يؤتى به، ميتاً، من المَداجنِ.

 

في مخزنِ الحبوبِ، حيثُ العجينُ تَخَمَّرَ تحتَ القماش

والأسمالِ،

الريحُ، وحدَها، ما زالت تدخلُ، من ثقوبِ البابِ

تبحثُ عن النسوةِ اللواتي ينبغي أن يَكُنَّ هناك، لتُرغمهُنَّ

على الشكوى

من البردِ أو آلام العظام والروماتيزم، بينما هنَّ يشدُدْنَ

الشالاتِ على أكتفاهنّ.

 

في ذلك البيت الخاوي، تعبَت الريحُ من الهبوبِ

واندفعتْ إلى السُّحبِ الماضيةِ جنوباً،

مثلما كان الدجاجُ يُطرَدُ لئلا يأخذ الخبزَ من الفرنِ

- تحتَ القماشِ العتيقِ والأسمالِ، لا شيءَ يتخمّرُ مع هذه

الصوَرِ التي أحشرُها

في فرنِ القصيدةِ،

لأنثرَها إلى طيورِ الذاكرةِ

فُتاتاً آتياً، متمهلاً، من الطفولةِ.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء