تلك القبور في روما

هناك أماكن يمكن أن تجوع فيها العين،

لكن ليس هنا.

هنا، على سبيل المثال

ساحة نافونا،

وهنا غرفته الضيقة

تطل على الدَّرَج الشهير وحشود السواح

الذي يتحممون بالشمس.

وهنا المقبرة البروتستانتية

حيث جون كيتس وجوزيف سيفيرن يمسكان يدي بعضهما البعض،

إلى الأبد تحت شال خفيف من العشب

وحيث اسم كيتس غير موجود على شاهد قبره،

لأنه على قبر سيفيرن،

وحيث قبر ابن سيفيرن الرضيع خلفهما

بخطوتين متواضعتين يكسوهما العشب.

لكن عليك أن تعرف القصة

كيف وهو طريح الفراش أراد كيتس

أن يكون النقش على شاهده بسيطاً ولا يطاق:

"هنا يرقد واحد كُتِبَ اسمه على الماء".
في يوم دافئ، وقفت هنا مع أقدم أصدقائي.

اعتقدت، إذن، أننا نحن الثلاثة

سنكون غير قابلين للذوبان حتى النهاية،

وأيضًا أننا سنموت بالطبع، ولا نموت.

وربما كان علينا أن نمسك أيادي بعضنا البعض

في تلك اللحظة ولم نفعل

كل ما فعلناه هو

أننا اتبعنا رجلاً أعرج يرتدي حلة مجعدة،

تسلق انحداراً طفيفاً من القبور

اختفت أمام مقابر أخرى في طريق من يزورون

المنزل الشاغر وكل ما لم يتبقَ

من شيلي وتريلاوني.

تلك المشية ستكون صعبة

إذا كنت لا تستطيع المشي.

في القمة، زفر دليلنا من جراء المشى

وتقطر العرق على وجهه

وبدا على وجه زوجته نظرة قلق

تبدو معتادة كما ستعتاد أجسادنا،

في يوم من الأيام، على ارتداء الحجر.

 

في وقت لاحق من تلك الليلة ، تمشينا

نحن الثلاثة، منتشين متكاتفين،

خلال شارع ديل كورسو ونحو ساحة إسبانيا

حتى أصبح كل شارع  أشد صمتا

إلي أن لم نعد نسمع شيئًا

باستثناء الكشط العرضي لخطواتنا،

ولذا قلنا وداعا.

من بين هؤلاء الأصدقاء

الذين لا يسمحون لأي شيء، مادام على قيد الحياة،

بأن يموت

كدت أنسى أن كل ما يتركه معظم الناس وراءهم يختفي.

 

بعد ثلاثة أيام، وحيدًا في فندق رخيص في نابولي،

لاحظت بصمات أصابع طفل

ملطخة على الدرابزين تم الحفاظ عليها

بغير قصد

بزنجار من الورنيش المطبق

وهكذا بقيت، فيما يبدو منذ الحرب الأخيرة

التي انتهت عقودا مضت، أسرني بقاؤها

و كدت أسمع صياح ذلك الطفل،

بعد سنوات، في ذلك الشارع.

لكن هذا مجرد حدس، ولا شك

أن أبسط الحقائق ممكن أن تكذبني.

ربما كان الطفل من كالابريا ورجع هناك

مع أم فشلت في العثور على عمل،

وربما مات الطفل هناك قبل عشرين عاما

من الملاريا التي كانت شائعة جدًا في ذلك الوقت -

الأطفال كانوا يصطفون ويبكون للأطباء من أجل الكينين.

كان الأمر شائعاً جدًا حتى أنك لا تتوقع أغنية رثاء،

وربما أقل ما قد نسميه شاهد قبر يحفظ اسمه،

ولكن ما زال ذلك الحجر يرتدي اسمه

- ليس كما ترتدي فتاة قميص عمل عشيقها،

أزرق باهتاً ضخماً للغاية

وهي تمشي بعناية في شارع فراتيللي

لشراء الخبز والروبيان

ونبيذاً لوجبة المساء مع الشموع وضحكات صديقاتها،

ولاحقا تشتعل قناديل الرغبة.

لا ليس هكذا ولكن شيء آخر،

شيء من الحجر، مقطوع باليد ببساطة

والمبتغى منه أن يدوم لأن الأسماء،

كل الأسماء بطبيعتها فارغة،

ولأنها ليست فارغة

وتكاد تكفي.

 

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء