النافذةُ

نافذةٌ واحدةٌ

نافذةٌ واحدةٌ للرؤيا

نافذةٌ واحدةٌ للاستماعِ

نافذةٌ واحدةٌ أشبهٌ بفوّهةِ بئرٍ

في نهايِتها تصلُ إلى قلبِ الأرضِ

وتفتحُ أمامَ زرقةٍ واسعةٍ ومكرّرةٍ بلونٍ أزرقَ

نافذةٌ واحدةٌ تملأُ تلكَ اليديْنِ الصغيرتيْنِ

الوحيدتيْنِ..

مِنْ عطرِ النجومِ الكريمةِ

ونستطيعُ مِنْ هناكَ أنْ ندعوَ الشمسَ

إلى غربةِ هذِهِ الورودِ الصناعيّةِ

نافذةٌ واحدةٌ تكفيني

أنا آتيةٌ مِنْ مدينةِ الدمى

مِنْ تحتِ ظلالِ الأشجارِ الورقيّةِ

مِنْ بستانٍ في كتابٍ مصوّرٍ

مِنْ مواسمِ التجاربِ الجافٌةِ

والعقيمةِ مِنَ الصداقةِ والحبِّ

في أزقّةِ البراءةِ المتربةِ

من نموّ سنواتِ الحروفِ الأبجدّيةِ المصفرةِ

مِنْ وراءِ طاولاتِ تلكَ المدرسةِ المسلولةِ

مِنْ تلكَ اللحظةِ التي استطاعَ بها الأطفالُ..

أنْ يكتبوا علي اللوحِ مفردةَ.. (الصخرةُ)

والزرازيرُ –بعجلٍ- طارتْ مِنَ الشجرةِ الكهلةِ

أنا آتيةٌ مِنْ بينِ جذورِ النباتاتِ الآكلةِ اللحومَ

عقلي لا يزالُ ممتلئًا بصوتِ وحشةٍ

تلكَ الفراشةُ التي صُلبتْ بدبّوسٍ في الدفاترِ

عندما كانتْ ثقتي مصلوبةً بخيطِ العدلِ الرفيعِ

وفي المدينةِ كانوا يمزّقونَ أضواءَ قلبي قطعةً قطعةً

ويغلقونَ عيونَ طفولةِ العشقِ..

بمنديلِ القانونِ الأسودِ

ومِنْ أعلى جبينِ أمنيتي كانَ يفورُ الدمُ

حينَ كانتْ حياتي.. لا شيءَ سوى دقّاتِ ساعةٍ

جداريّةٍ

فهمتُ..

يجبُ

يجبُ

يجبُ

أنْ أعشقَ بجنونٍ

نافذةٌ واحدةٌ تكفيني

نافذةٌ واحدةٌ للحظةِ اليقظةِ والنظرةِ والصمتِ

الآنَ.. نبتةُ الجوزِ كبرتْ

للحدِّ الذي تستطيعُ أنْ تفسّرَ للجدارِ..

طراوةَ أوراقِها اليانعةِ

اسألِ المرآةَ عنِ اسمِ منقذِكَ

هل الأرضُ التي ترتجفُ تحتَ قدميْكَ..

أكثرُ وحدةً منْكَ؟

الأنبياءُ جاءوا بنبوءِة الدمارِ إلى قرنِنا

هذِهِ الانفجاراتُ المستمرَةُ..

هذِهِ السحبُ المسمومةُ..

هلْ هيَ صدى هذِهِ الآياتِ المقدّسةِ؟؟

أيُّها الصديقُ..

أيُّها الأخُ الذي دمي ودمُكَ واحدةٌ..

عندَ وصولِكَ إلي القمرِ..

اكتبْ هناكَ قتلَ العامِ للورودِ

-دائمًا- الأحلامُ تنتحرُ وتموتُ مِنِ ارتفاعِ

السذاجةِ

أشمُّ البرسيمَ الذي ينمو على قبرِ المفاهيمِ القديمةِ

المرأةُ التي دُفنتْ بكفنِ الانتظارِ والعصمةِ

كانتْ زهرةَ شبابي

هلْ سأتسلّقُ مرّةً أخرى سلالَم الاستطلاع..

حتّى ألقي التحيّةَ على الربِّ الحنونِ الذي يتمشّى

فوقَ سطحِ البيتِ؟

أشعرُ أن الوقتَ قدْ مضى

أشعرُ أن (اللحظةَ) نصيبي مِنْ أوراقِ التاريخِ

أشعرُ أن الطاولةَ مسافةٌ كاذبةٌ بينَ جديلتي ويدَيْ

هذا الغريبِ الحزينِ

قلْ لي شيئًا..

الذي يمنحُكَ حنانَ جسدِهِ..

ماذا يريدُ منْكَ سوى الشعورِ بالحياةِ لمرٌةٍ واحدةٍ؟

قلْ لي شيئًا..

أنا في مأمنِ النافذةِ..

لي ارتباطٌ معَ الشمسِ.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء