المحسنون

 

آهٍ وما نفع هوى لآداب أصيلة

وما الكلمة المهذبة

قبالة واقعة وقعت

وما حظيت بعلاج؟

 

وما الفن الذي نغذ له الخطى

بالرسم والنثر والقوافي

حين تهزمنا الطبيعة

في عريها كل حين؟

 

لا العلم، لا النِعمةُ، لا الديباج

ولا المال أو هنيء الطعام والشراب،

بل لدغة الخوف والآلام

ما يدفع الخلق للتفكّر.

 

يوم بزغ جنسنا الشبيه بالآلهة

في شبيبة عالمنا التي لا تسرَّ

منح أطول الأذرع وأمضى الأنياب

للإنسان سلطةً على الانسان.

 

حتى ازرقَّ الجلد من الكدمات

وبلغت العضات العِظام

وتتلمذ على الخوف والآلام

فتعلَّمَ تسديد الأحجار

والطعن بالرمح الآمن الطويل

 

وهُجرت الأنياب والأظفار

ما عادت أسلحة بوجه الأعداء

حتى جاء عبقري سئم الهزائم المنتظمة

وصنع القوس والسهم.

 

عندها بان عقم الحجارة والرماح

كغابر الأنياب والأظفار،

حتى نخسه الخوف والآلام من جديد

فصمم الإنسانُ الدروع.

 

عندها نال الغنيُّ الأمان

وظل الخوف حليف الفقير

حتى مزج أحدهم باروداً

قلب الميزان من جديد.

 

واختفت الخوذات والدروع

مع السيف والقوس والرماح

وحين انجلى دخان المعارك

كان كل الرجال

قد تسلحوا على السواء.

 

وحين ذُبح هكذا عشرة ملايين

لإرضاء ملكٍ معتوه

أضحى سواد الناس،

وقد روضهم الخوف والآلام

قلقين وجلين من الأمر.

 

وفي عين الساعة المقدَّرَةِ

لاستعباده فوق ما يتذكر،

استدار عقله الحيي

المجبول من نابٍ-حجر-سهم-بندقية

ومحا كل شيء.

 

كل سلطة، كل طاغية، كل رعاع

كبرت رؤوسهم فوق حدها

ينتهون بتدمير وظائفهم

ويكدحون.. لصرفهم من الخدمة!

 

وبينما الإنسان، تزيل ضروراتُه

كل شيءٍ من طريقهِ،

تراه يرتعش من أحكامها

ويستنكرُ غضبَتَه

 

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء