الروح الغائبة

لا الثورُ يعرفُكَ ولا شجرةُ التين،

لا الخيلُ تعرفك ولا النملُ في بيتك.

الطفلُ لا يعرفك

والأصيلُ لا يعرفك،

لأنكَ قد مُتَّ إلى الأبد.

ظَهرُ لوحةِ الحجرِ لا يعرفُك

ولا الساتانُ الأسودُ الذي تنكمشُ فيه.

ذكراك الصامتةُ لا تعرفك

لأنكَ قد مُتَّ إلى الأبد.

سوف يأتي الخريفُ

بأبواقِ المحار(1)

وأعنابِ الضبابِ

وعناقيدِ التلال

لكن... لن يريدَ أحد النظر في عينيك

لأنك قد متَّ إلى الأبد.

 

لأنك قد متَّ إلى الأبد،

مثل كل موتى الأرض،

مثل كل الموتى المنسيين

في كومة كلابٍ غامضة.

لا أحدَ يعرفكَ.

لا.

لكني أغنِّي لكَ،

أغني ذريّة صورتكَ وجلالكَ

أغني النضجَ النبيلَ لتفهُّمكَ،

اشتهاءَكَ الموتَ، ومذاقَ فمهِ،

الحزنَ العميقَ في مرحك البطولي.

سيمر زمنٌ طويلٌ قبل أن يولدَ

ـ إن وُلدَ ـ

أندلسيُّ نبيلُّ هكذا

غنيٌّ بالمغامرة هكذا.

إنني أغني جَمالَهُ

بكلماتٍ تئنّ،

وأتذكرُ نسيمًا حزينًا

بينَ أشجارِ الزيتونِ.

 

---

(1)

يستعمل الرعاة في التلال المطلة على غرناطة بوقًا من المحار للاتصال ببعضهم. وفي الخريف، مع حركة القطعان من التل السهل، تتجاوب المدينة بأصوات هذه الأبواق

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء