الذي لا يشبهُ أيَّ أحدٍ

رأيتُ منامًا.. أنَّ أحدًا سيأتي

رأيتُ منامَ نجمةٍ قرمزيّةٍ

وجفنُ عيني يرفُّ

وأحذيتي تصطفُّ

وأصابُ بالعمى

لوْ أنَّني أكذبُ

رأيتُ منامَ النجمةِ القرمزيّةِ

حينَ كنتُ مستيقظةً

أحدُهُمْ يأتي

أحدُهُمْ يأتي

أحدٌ آخرُ

أحدً أفضلَ

أحدٌ لا يشبهُ أحدًا لا يشبهُ أبي

ليسَ كأنسي

ليسَ كيحيى

ليسّ كأمّي

هوَ يشبهُ أحدًا يجبُ أنْ يكونَ

وطولُهُ أطولُ مِنْ أشجارِ بيتِ (المعمارِ)

وضياءُ وجهِهِ أشدُّ مِنْ ضياءِ وجهِ إمامِ الزمانِ

ولا يخافُ حتّى الأخَ (سيَدْ جوادْ) الذي التحقَ

بالجنديّةِ

ولا يخافُ (سيَدْ جوادْ) نفسَهُ..

هذا الذي غُرَفُ بيتِنا كلِّها مِنْ أملاكِهِ

واسمهُ كالاسمِ الذي تناديهِ أمّي في الصلاةِ..

يا قاضي القضاةِ

يا حاجةَ الحاجاتِ

ويستطيعُ أنْ يقرأَ كلًّ المفرداتِ الصعبةِ..

في كتابِ الصفَّ الثالثِ

حتّى وإنْ كانَ مغمضَ العينيْنِ

ويستطيعُ -دونَ أنْ يخسرَ شيئًا-

أنْ يأخذَ العشرينَ مِنَ المليونِ

يستطيعُ أنْ يتبضّعَ كلُّ ما يريدُ مِنْ حانوتِ (سيّدْ جوادْ)

ويستطيعُ أنْ يغيّرَ مصباحَ اللهِ الأخضرَ الذي كانَ

معلّقًا فوقَ (مسجد مفتاحيانْ)

آهٍ..

كم هو الضوءُ جيّدٌ

كم هو الضوءُ جيّدٌ

وأنا كمْ أرغبُ أنْ يملكَ (يحيى) عجلةً

ومصباحًا صغيرًا

وكمْ أرغبُ..

أنْ أجلسَ ما بينَ البطيخِ والشمّامِ

الذي فوقَ العجلةِ

وأدورُ معَهُ حولَ (ميدانِ المحمديّةِ)

آهٍ..

كمْ هو جيّدٍ الدورانُ حولَ الميدانِ

كمْ هو جيّدٍ النومُ فوقَ السطحِ

كمْ هو جيّدٍ الذهابُ إلى حديقة (ملي)

كمْ هو لذيذٍ طعمُ المشروبِ الغازيِّ

كمْ هو جميلٍ الذهابُ إلى سينما (فردين)

وأنا كمْ أحبُّ كلَّ هذِهِ الأشياءِ الجيّدةِ

وأنا كمْ أرغبُ أنْ أجرَّ جدائلَ بنتِ (سيّدُ جوادْ)

لِمَ أنا صغيرةٌ إلى هذا الحدِّ؟

ولِمَ أضيعُ في الشوارعِ؟

ولِمَ أبي ليسَ صغيرًا مثلي..

ولا يضيعُ –مثلي- في الشوارعِ

لا يفعلُ شيئًا إزاءَ مجيءِ ذلكَ الذي رأيتُهُ في المنامِ

ولِمَ أهالي (حيِّ المسلخِ) – الذينَ تربةُ حدائقِهِمْ

ممتلئةٌ بالدماءِ

وبِرَكُ مائِهِم مليئةٌ بالدماءِ

وسطوحُ أحذيتِهِمْ أيضًا مليئةٌ بالدماءِ-..

لا يفعلونَ شيئًا؟

لا يفعلونَ شيئًا

كمْ شمسُ الشتاءِ كسولةٌ

كنستُ سلالَم السطحِ

وغسلتُ النوافذَ كلَّها

لِمَ أبي عليهِ أنْ يحلمَ في المنامِ فقطْ؟

كَنستُ سلالَم السطحِ

وغسلتُ النوافذَ كلَّها

أحدٌ يأتي

أحدٌ يأتي

أحدٌ قلبُهُ معَنا.. أنفاسُهُ معَنا.. صوتُهُ معنا

أحدٌ لا يستطيعونَ -عند مجيئِهِ-

أنْ يمسكوا يديْهِ ويرموهُ في السجنِ

أحدٌ يلدُ الأجنّةَ تحتَ أشجارِ (يحيى) القديمةِ

ويومًا بعدَ يومٍ يكبرُ

أحدٌ ما بينَ أصواتِ خريرِ مياهِ المطرِ

أحدٌ ما بينَ وشوشةِ الزهورِ الأطلسيّةِ

أحدٌ مِنْ سماءِ الألعابِ الناريّةِ في ليلةِ الاحتفالاتِ..

سيأتي..

ويبسطُ بساطَ المائدةِ

ويقسمُ الخبزَ

ويقسمُ المياهَ الغازيّةً

ويقسمُ حديقةَ (ملي)

ويقسمُ شرابَ السعالِ الديكيِّ

ويقسمُ يومَ توزيعِ (الحصّةِ)

ويقسمُ أعدادَ الاصطفافِ في المشفى

ويقسمُ الأحديةَ المطاطيّةَ الشتويّةَ

ويقسمُ ثيابَ بنتِ (سيّدْ جوادْ)

ويقسمُ كلَّ شيءِ ذهبَ سُدىً

وسيعطي نصيبَنا

أنا رأيتُ منامًا.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء