الحنان

قبل أن تعرف ما هو الحنان حقاً

يجب أن تخسر أشياءَ،
أن تحسّ أنّ المستقبل يذوب في لمح البصر
كالملح في حساءٍ خفيف.
ما كنت تحمله في يدك،
ما كنت تَعُدّه وتوفره بحرص،
كل هذا يجب ان يذهب حتى تعرف
كيف يمكن للمشهد أن يكون بائساً
ما بين أقاليم الحنان
كيف يمكنك أن تظلّ راكباً
وتظنّ أنّ الحافلة لن تتوقف أبدا،
وأنّ الركّاب الذين يأكلون الذُّرَةَ والدجاج
سوف يظلّون يحدّقون من النافذة إلى الأبد.
قبل أن تتعلم الجاذبية الرقيقة للحنان،

عليك أن تسافر حيث الهنديّ ذو المعطف الأبيض
يرقد ميتاً على جانب الطريق.
يجب أن ترى كيف يمكن أن يكون هذا هو أنت،
كيف أنّه هو أيضا كان شخصاً ما
يسافر أثناء الليل ولديه أهداف
ولديه الأنفاس البسيطة التي تبقيه على قيد الحياة.
قبل أن تعرف الحنان باعتباره أعمق شيء يكمن في داخلنا،
لا بُدّ لك أن تعرف الحزن باعتباره الشيء الآخر الأعمق في داخلنا.
لا بُدّ لك أن تصحو من نومك مع الحزن.
لا بُدّ لك أن تتحدث إليه إلى أن
يُمْسِكَ صوتُك بخيط الأحزان جميعاً
وترى حجم القماش.
وبعدئذٍ يصبح الحنان هو وحده الذي يحمل أيّ معنى،
الحنان هو وحده الذي يعقد لك ربّاط حذائك
ويرسلك إلى النهار لتبعث بالرسائل بالبريد
وتشتريَ الخبز،
الحنان هو وحده الذي يرفع رأسه
من بين حشود الدنيا ليقول
إنني أنا الذي كنت تبحث عنه،
ثم يرافقك إلى كل مكان
مثل ظلّك أو صديقك.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء