الأجداد

من هنا مروا ، ثيابُ العملِ على أجسادهم، والمحاجنُ بأيديهم      

هنا كدحوا تحتَ الشمسِ ، واسترخوا في الظِلال.

هنا أخرجوا الطينَ من جدولِ الماءِ

وهنا صنعَتْ فؤوسُهُم فضاءً بأرضِ الغابةِ.

عشاءُ الحصادِ أيقظَ مرحَهُم،

وقمرُ الصيّادينَ أشعَلَ فيهم الرغبةَ والغزَلَ.

من هذهِ الكنيسةِ قادوا عرائسَهُم،

ومنها أُخرِجوا محمولينَ على الأكتافِ،

وعلى جوانبِ هذه الطرقِ قعدوا

وتناولوا الخبزَ والنبيذ.

قد ذهبَتْ أسماؤُهُم

لكنَّ أكواخَهُم تُحدِّثُنا عنهم.

قد اختفتِ الأسماءُ.. إلا القليلَ الذي

خَطُّوهُ  بفظاظةٍ في الإنجيلِ البُنّيِ القديمِ.

أولئكَ كانوا رجالَ البأسِ والعضَلِ المفتولِ

الذين ما أغوَتهُم المدنُ.

لم يَقرءوا ، لم يُمسكوا الأقلامَ

لكنّهم شادُوا مخازنَ الغِلالِ ، وأفرانَ الحِدادةِ ، والطواحينَ.

على المرجِ الأخضرِ راقبوا أولادَهم

وهم يلعبونَ ، حتى يحجبَ الليلُ الرؤى،

كما راقبَهم آباؤهم ذاتَ مرَّةٍ ،

وكما راقبَني أبي ذاتَ مرّةٍ،

بينما الخفّاشُ والخنفساءُ يطيرانِ

في الهواءِ الدافئِ المشبوكِ بالنَدى.

غيرُ معروفينَ

غيرُ مسجَّلينَ

الرجالُ الذين منهم تشرَّبتُ طِباعي.

هنا أعرفُكَ من ترابِكَ

لكنني لا أعرفكَ مِن الداخلِ.

وهناك الصمتُ ، هناك لا يعيشُ  لحظةً من حياتكَ.

مثلَ النحلةِ التي سقطَتْ على يدي مثقَلَةً بالشّهدِ

من عرشِها الزَهريِّ المتداعي

في الأرضِ الخضراءَ العاصفةِ.

أنا الآنَ أتقلَّبُ في النعيمِ

جاهلاً مَن صَنََعَ العسلَ

قبل زمنٍ طويل.

قراءة المزيد

قصائد الأيام الماضية

قائمة الشعراء